الأحد، 14 سبتمبر 2008

الســّاركوزية و سـاركوزي.. وسـياسـة فـرنســا الخـارجيـّة.. رؤية من الـدّاخل - الجزء الأول.. بقلم :دكـتور منـير الـقوي


عديدة هي المرات ،التي كان السيّد "نقولا سـاركوزي" موضوع نقاش ،بيني وبين كثيرين تعددت مشاربهم ،وانتماءاتهم ، وزوايا رؤيتهم ، لكّن كان للمرّة الثالثة للنقاش صفة " شبه العام" بخروجه إلى لغة علنيّة :في تلك المرّة رفضتُ فيها لغة كاتب مقالٍ تناول فيها الرئيس الفرنسي السيد ســاركوزي على موقع شــام برس ،وكان عنوان المقال (("الرئيس الشوارعي ،ساركوزي يشتم فرنسياً رفض مصافحته" : وعلّقت لمرتين،الأولى :"لا تخلطـوا التلقائية بالسـوقية ولا المقدرة على العفو بالضعف أوبالإستقواء"...والثانيّة "العرب أبناء (إنّما بُعِثتُ لأتمم مكارم الأخلاق )، فأين ما أشهده ؟"))،وقد نالني شيء من النقد المستهجِن لموقفي ،وقد تفهمتُ ذلك ،وتقبلته صادراً عن حميّة صادقة ،وخطل نظرةٍ فيها الكثير من العاطفيّة ،ومشاعر المظلوم لعالم غير عادل ،حين تكون قضايانا العربيّة في ميزان حكمه المُعطَّل ، ولا أقول العاطل ،ببساطة :لأنني أجدُ في الشعر صادق وصف حال أعراب هذا العصر، ولا أقول العرب ،فهم المغيّبون ،المظلومون، بل والمنتَحَلة صفتهم ،"بمعظم" من "يدّعون" زوراًثمثيلهم من حكّام خريطة( سايكس ـ بيكو ) سيّئة الذكر....، والمصير... بعون قوة الحق ،وإرادة الصّدق في أجيال أمة العرب ، فلنعد إلى الشعر ،سفر العرب ،روحهم الناطقة،وخلاصة الحكمة في قصة وجودهم ،بين قمّة ووهدة ، بين رياديّة ورفض ذلّ اتِّباع ،وبين بؤس حاضرٍ جعلهم ضحايا مصالح الكبار المتكالبين على ثرواتهم ، وحكّامٍ لا تصل قاماتُهم ـ في معظمهم ـ إلى الحدّ الأدنى من طموحات أمّة العرب ، رغم الظاهر من واقع ووقائع ـ في معظمها ـ تبعثُ على اليأس والقنوط ، هؤلاء الذين يصحُ فيهم ـ خاصة حين يتمظهرون بماليس هم به موقنون ، ولا فيه هم مصدّقون ـ أقولُ :يصحُّ فيهم القول : يُعيبونَ الزّمـانَ وهُـمْ شَـنارٌ ......... ألا للهِ ، مَـنْ عـابَ الــزّمـانَ فَأعْرابُ الخُنـوعِ لَهُمْ تَشَـكٍّ ......... وعَيْبُ الدّهرِ فيهِمْ ،كيفَ كانَغِلاظٌ ،مُقْعَدونَ،وساءَ ذِكْراً: ...... مَـقامَ الـذُّلِ ،شــاؤوهُ المكـانَ فلا معنى الوفاءِ لَهُ حُضورٌ ......... وكَمْ حَقٌّ بِما "نَصَروهُ"هانَمعاني النُّبْلِ باعوا،وباتفاقٍ .......... رخيصِ السوقِ،بَخساً،وارْتهانانِفاقٌ " صِدْقُهُمْ"، فزُناةُ فِعْلٍ ........ وَوَيـْلُ المُرتجي منهـم أمـانـافــذاكَ مُســاوِمٌ ،ولـديـهِ بـاعٌ ..........وآخَرُ ـ قولَـهُ بالأمسِ ـخانَوذاكَ مُتاجِـرٌ ـ قدْ كانَ يوماً ـ .......... أميـنَ عُــروبـةٍ ،والآنَهـانَوأكثرهُمْ حضـوراً ،بعدَ أمْـرٍ ..........مُطاعٍ ، دونَـهُ قَـطَـعَ اللسـانَألا يا داعـيَ الأمـواتِ رفـقـاً .........ويـا شـامي عليهِمُ : لا رهانَأمّا المرّة الثانية التي سبقتها ،فقد كانت في مكتب صديق قديم ، وأخٍ صدوق ، وكان ثالثنا سفير سابق لسورية في فـرنسا ، أستاذ جامعي وعضو مجلس شعب ، لم أتفق معه في فهمه للمجتمع الفرنسي ،ولا في تحليله للسياسات الفرنسية ، داخليّة وخارجيّة ،وخاصة في جانبها المتعلق بشؤون منطقتنا العربية ، وكان عدم الإتفاق في كلّ شيء ، في المنطلقات ـ الركائز، في المحددات ـ الروائز ، بل وربّما في الإنتماء ـ بكل معانيه ـ وصولاً إلى استنتاجات وقراءة للسياسة الخارجية الفرنسية ،في ملامحها الساركوزية (فحتى الآن لازالت تتلمس طريقها ....لكن ببصر الحدأة ،وبصيرة ذكاء الطموح) ،وأستطيع الآن ـ وبشهادة الصديق المشترك الذي شهد "الحوارـ الإختلاف" بعقل استراتيجيٍّ عُرِف عنهُ وبِهِ ،وكان الحكمالصامت غالباً، بانتظارمستقبل الأيام، وهاهي بعض براهينها ـ أستطيع القول :أنني لم أكن في رؤيتي بعيداً ،عن ما نراه جميعاً من وقائع وتحولات، تشهدها الساحة الفرنسية ،وبالتالي الأوروبية ،سيّما والرئيس سـاركوزي ،ومنذ 01/07/2008 يشغل رئاسة لإتحاد الأوروبي ، وللأشهر الستة القادمة ،أمّا المرّة الثالثة ، فهذه ،وستكون في أجزاء خمسة :والجزء الثاني سيكون موضوعه : (شخصيّة الرئيس سـاركوزي ... عوامل النشأة ... ووسائل الوصول ). وهنا قد أستعين ببعض القراء ات والمعارف ،وببعض لغة الإختصاص من تحليل وطب نفسيين أمارسهما في فرنسا ، وربّ قائلٍ هل فعلاً من الأهمية بمكان ،إعطاء الوقت والجهد لرئيس فرنسي كائناً من كان ؟ إجابتي أتركها استخلاصاً للقارئ ـ المتسائل ، فربّمابانتهاء نشر الأجزاء الخمسة سيكون معي من المتفقين ، فإن لم أُفلح فيكفيني أجر من الأجرين .أمّا الجزء الثالث فبعنوان :( القطيعة مع السياسة الفرنسية التقليدية "قبل ـ ساركوزية")،يمينها واليسار ،وخلط الأوراق، في ابتداع نهج سياسي ،لا زال في مقدماته .والجزء الرابع سيكون عن :( العرب وفرنسا ) ،جدلية الحب والكراهية ، تاريخ علاقة...وعلاقة تاريخ ... من اللاتوازن العلائقي الآني إلى استشراف علاقة توازن مستقبلي .أمّا الجزء الخامس فسيكون عن : (فرنسا الفرنسية ... فرنسا الأوروبية ... فرنسا الأطلسية ...وفرنسا المتوسطية ... اصطفافات متغيّرة في عالم قلق ) .وأمّا الختام فرؤيوي ، رغبوي ،ولكن دون خيانة أمّانة التحليل وواقعيّة الرؤية ، ربّما كان الجزء السادس ،وعنوانه ( فرنسا العربية ... كيف تكون ؟ ) . ولقد تعمّدتُ تجزئة الدّراسة ـ التحليل أخذاً بنصيحة الأستاذ (عــلـي جـمالـو) ،وعميق تجربته ،لتجنّب أخذ الكثير من وقت القارئ ، فلا أشغله ولا يملّني ، فالسرعة سمة العصر ،وأعتقد ذلك بقوة واقتناع ... وصفحات شام بريس كريمة كدأبها معي، والقائمون عليها في درجة من الحسّ الوطني الرّاقي والمسؤول ، فعليّ وعلى القرّاء لم يبخلوا ، ولا أظنّهم بضانِّين ... وإلى موعدٍ آتي .



تعليقات حول الموضوع
أنتظرُ اللب ولا أملّ
06:46:55 , 2008/07/19 قارئ فضولي ومهتم
إلى الدكتور منير القوي المحترم ،شكراً لمقالتك وأنتظر الأجزاء التالية ، لابأس ،بل وحبذا تطعيم خطاب السياسة بلغة الأدب ، ولكن ألا ترى معي أنَّ في الذاتية خطر على موضوعيّة الرؤية ؟ مع ذلك يبقى الحكم مؤجلاً إلى النهاية،وكما يبدو لي : الجزء الأول يبدو كمقدمة، أو شبهها ، تقبّل ملاحظتي بتفهمٍ وتقدير ،أشكرك ثانية ،وشكراً لشامبرس
توضيحٌ وتأكيد ... وجزيل شكر
08:30:32 , 2008/07/19 دكـتور منـير الـقوي
الآخ الكريم (قارئ فضولي ومهتم): أشكر لك اهتمامك والوقت الذي منحتني ،إنْ كان في القراءة أو الملاحظة الثمينة ، أمّا لغة الأدب فآمل أنْ أمتلكَ بعض ناصيتها ،فلِلُغة الضّاد دَيْنٌ في أعناق أبنائها ،وهي المستهدَفَة حتى في لوحها المحفوظ ،وأمّا الذاتيّة فتشخيصك في مكانه ، تهمةٌ لا أنفيها ( ولستَ بِمُتَّهِمٍ ... معاذ الله ) وشرفٌ لا أدّعيه ، فلكي أعرفُ ""الآخر"" يجب أنْ أكونَ أولاً ""أنا"" وهذا يسمح بحوارٍ محدَد الأطراف ،بلا غيميةِ رؤيةٍ لواقع ووقائع، ولا تنافق في العبارات المتبادلة في الفهم والتوصيف ،فبالوضوح وتحديد الإنتماء ـ الموقع ـ الموقف يتموضعُ الهدفُ وسبل الوصول ... وأمّا ما ذهبتَ إليه أو بدا لكَ :( الجزء الأول يبدو كمقدمة، أو شبهها ) فقد أصبتَ،فهوببساطة مَدْخلٌ أو مقدمة ، مع جزيل احترامي ،آملي أنْ أكون قد أوصلتُ فكرتي البسيطة ،مع شكري ثانيّة لكَ ولشامبريس .
أساسي معرفة مع من نتعامل
20:55:56 , 2008/07/19 وطني بلا تحفظ
ثقتنا بحكمة رئيسنا الدكتور بشّـار الأسـد ،وقدرته الحواريّة ،ومواقفه الصلبة الثابتة ،ليست موضع شكّ أو تساؤل ،و أنْ يعرف مواطنٌ مثلي شخصيّة ودوافع و طبيعة رجل مهم ،كالرئيس سـاركوزي،والذي سيزور سـوريا قريباً يجعل متابعتي للزيارة ، وفهمي لنتائجها أكثر يسراً ،وأدعى لإشباع حب الإطلاع ، ومكافأة المهتم ، فشكراً لجهدكم الإضافي ، فوق عملكم في البلد الأجنبي ،وهذا إنْ دلّ على شيء ،فعن تعلقنا ببلدنا سـورية ، بقائدنا ـ حفظه الله وحباه ببطانة من الصالحين ، وأبعد عنه اللئام المشوهين ،بفتح الهاء وكسرها ـ شكراً لك ثانيةً ،دكتور منير القوي ، وأنتظر الأجزاء التالية ، وشكراً شـامبريس .

ليست هناك تعليقات: