الجمعة، 23 ديسمبر 2011

ديمقراطيّ تائب خيّبته أيقونة الديمقراطيّة


لا أشكُّ أنّ العنوان صادم ، كإعلان الكفر بين جماعة المؤمنين ، وأنّني أفتح على نفسي بوّابات جحيم ردود يمتدّ اتساعها بين الإعراض والإزدراء ، إلى الإستنكار والتسفيه ، وربّما إلى اتهاماتٍ بانتماءٍ إلى مدارس الدكتاتوريّات المنقرضة أو في طريقها ، أو إلى ولاءآتٍ ضيّقة ، متقوقعة في تاريخ ذكرويّ خوفها من تجربتها الممتدة على مساحة قرونٍ أربعة عشرة من القهر ومعاناته ، على يد حكمٍ شموليٍّ مسلحٍ بأيديولوجياتٍ إلهيّة ، طالما وظّفت الإيمان سيفاً يشهره الحاكم بأمره على أعناق الفكر ، فكيف بحال حامليه المطالبين بالحقّ في الإعتراف بإنسانيّتهم ، وشرطها الأوّل عدم اعتبارهم ( رعيّة ) ، وهو التخفيف والترشيق للتعريف ـ التحديد واقعيّاً : مفردة ( قطيع ) ، وحتماً وبالتلازم ، خانع ومطيع ، وإلّا فسيف الحاكم بأمره ، وليّ الأمر وظلّ الله ـ والواقع عدوّ الله ـ المغتال لعدالته وأس أقنوميّة ترجمتها بتكريم خلقته المكرّمة بمحكم تنزيله ( ولقد كرمنا بني آدم ) ، وبنعمة العقل تحديداً ـ شرطاً ، فهي مفتاح جنّة الحريّة المفجِّرة لكمون ومكامن الإبداع في الطاقة اللامتناهية في أعماق الإنسان الحرّ ، المتخفف من العسف والكبت والقمع التي يشخصنها الحاكم بأمره ، بسيفه أو بذهبه ، لا فرق ، أو بما مورس ، بمديد ومرير الخيبةٍ ، من لدن نمطييّ أصحاب نظريات ( الطليعة الثوريّة ) الوصائيّة ، التي لم تفعل أكثر من استبدال شخصنة الحاكم بأمره " الفرد " ، بشخصنة أخرى أشدّ فتكاً ، ( مجلس قيادة الثورة ، المكتب السياسيّ للحزب ، اللجان المركزيّة ... إلخ من تسميات مخترعة لكل وافد إلى منصات القيادات ـ الضرورة ، وحكماً الملهَمة فالملهِمة !!! ) ، وبعصبويّة استبداديّة دمويّة أين منها دمويّة سيف الحاكم بأمره ، الذي في يده الثانية ذهباً ـ كما يُقال ـ !!!

أمّا هنا ـ مع ( الطليعة الثوريّة ) ـ فالسيف ثمّ السيف ، في مباراة دمويّة بين السيفين بكلتا اليدين الطليعيتين ، والتاريخ ـ البعيد والقريب والمعاش ـ كريمًٌ بتقديم الأمثلة لكلّ النماذج الحاكمة ، ومنها ، النموذج الديمقراطيّ ـ الخدعة دائماً ، والخادع لنفسه أولاً ، بتقديمه ظهر فرس ( ديموقراطيّة انتهازيّة ) يسير ٌامتطاؤه من قبل نصّابَ سياسةٍ نهّازٍ ، في أوّل سانح فرصةٍ على أيسر منعطف ، قبل أنْ يخدعني ، الغادر للذات تاريخيّاً ـ بدايةً قبل أنْ يغدر بي ( عبرة الرئيس التشيلي " اللندي " ) ، والمبيّن العجز ـ واقعاً ـ عن حماية النفس في بعض ( ديمقراطيّةٍ بطقم أسنانٍ مستعارٍـ لجان مراقبات الإنتخابات الدوليّة الملغومة ، وقيمة صوريّة شهاداتها !!! ) قبل أنْ يحميني ، بل ويسلّم عنقي بيدي لسيف جلّادي المشرعَن بصوتي ، المشارِك بدعوتي لممارسة ( ديمقراطيّة عارية من هدفها ـ المبدأ ، تحقيق صادق تمثيلي ) في مهرجان احتفاليّةِ اقتراعيّةٍ مضللةً ، تُحشر فيه أيقونيّة الديمقراطيّة الحقّة في رثّ جلباب الردّة ، وتهريجيّة عرّابين دّعاة ، غرباء عنها ، يسوّقونها بضاعة سوق نخاسةٍ تحكمها الرغبويّات ـ المطامع ، ويقرر مصيرها المزاد

بطوطميّة ممارسة طقوسيّةٍ ، طُردت العقلانيّة وأُقصي الفكر النقديّ عن مراسحها ـ القناع ، عبر صندوق عجائب ـ معجزاتٍ مدّعاة ( صندوق الاقتراع ) ـ الفخّ المنصوب ، رغم كلّ سيناريوهات محاولة إضفاء كليّة القدسيّة عليه وتهويماتها !!! ، لأنّه ما كان يوماً ولن يكون في محصلته ـ النتيجة إلّا ترجمةً لدرجة الوعيّ في جماعة بشريّة ، خاضعةٍ لغلبة طرف قوىً متصارعةٍ تفرض توجهاتها ، بسيف الغالب أو بذهبه ، لا فرق في ذلك بين الأنظمة التوتاليتاريّة وتلك الليبراليّة إلاّ بدرجة إتقان المخرج وتقنيّة الإخراج ، على أنّ الذّهب يبقى الأخطر بين السلاحين لأنّه يستطيع إنتاج وعيٍّ "" مزيّفٍ جمعيٍّ "" ، لم تبدأ تمظهرات ترجمته مع خلافة معاوية الأمويّ ومُلْكها العضوض ، وخاصّة مرحلة خلافة يزيد ، الإبن الوارث لها ، خلافاً ومخالفة لمبدإ الشورى ( وأمرهم شورى بينهم ) ، بل ، وبلا أيّة كفاءةٍ ـ مزيّةٍ تمتّع بها الأب الموّرث ـ الموروث

وما انتهت تلك التمظهرات بولادة النّازيّة الألمانيّة ، من رحمِ ( ديقراطيّة زنىً ، مزنيًٌّ بها اغتصاباً ، أو بطبيعتها تحمل مورّثة قبول الإنحراف ، واستعداد المومس ؟ !!! ) ، لتُخرج من ( صندوق الإقتراع ) لعنة مؤسس رايخها الثالث ، فوهررها ( آدولف هتلر ) ، وبالتزامن معها شقيقتها الفاشيّة الإيطاليّة وزعيمها ( بينيتو موسوليني ) ، ولن تكون آخر صفحاتها خروج أصحاب شعار ( الإسلام هو الحلّ ) من تلك الصناديق منتصرين ، بعد أن رفضوها طويلاً لأنها تسمح لغير المؤمن ( الذميّ والعلمانيّ والملحد و .... إلخ ) بالمشاركة في رأيٍّ يخصّ شؤون الأهمّ في حياة ـ دنيا المسلم ، ( نظام الحكم )، وخاصّة يخالف أساسيّ شريعيّة ممارسته ، حصريّة مبدأ الشورى بجمهرة ( علماء المسلمين !! ) ، فضلاً عن تكريسها اعتماد بدعةٍ مستوردةٍ من فسطاط ( دار الإحتراب ) إلى فسطاط ( دار المسلمين ) ، بما تمثّله من تغريبٍ عن المنابع ـ الأصول ، وفعل "" إساءةٍ إلى ـ ومؤامرةٍ على "" قويم نموذج اسلوب سلفنا المؤمن في تنصيب الحاكم ، والصالح لكل زمان ومكان ( حيث المسلم ) ، منذ مجلس شورى ( سقيفة بني ساعدة ) وإلى أنْ يرث الله الأرض وما عليها !!! وأمّا أنّها ممارسة ـ بدعة ؟ !!! فيكفي أنّها تندرج كآليّة ممارسة تطبيقيّة للديمقراطيّة ـ البدعة الأمّ ، مغتصبة شرعيّة الشورى ، ومحيلتها إلى المعاش في بطون دواوين التصنيف !!! وستظلّ شبهة البدعة قرين الديمقراطيّة الملازِم في نظرالأصولية الإسلامويّة ، لتظل رهينة ابتزاز سيف الإنقلابيّة المشهر في وجهها عند اللزوم ـ الوظيفي البراغماتي دائماً ـ وعلى فقه قاعدة : ( كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة وأصحابها في النّار ) !!! في واقعٍ كهذا ، كيف يُستطاع دفن سؤالٍ حيٍّ ـ وأداً ـ بعدم أو بتجنّب الإجابة عليه ؟

والسؤال هو كيف قبل الإسلامويون ممارسة ديمقراطيّة ـ بدعة ومؤامرة ، وبالإحتكام إلى صندوق الإقتراع ؟ ومع بوليصة تأمينٍ بالفوز المبين !!! هنا لابدّ من التشديد على مصطلح " اسلامويين " من إخوان ، وسلفيين أو إسلافيين ، من صوفيين ، وغيرهم من السياسويين والمسيّسين ، تمييزاً لهؤلاء عن سواد الشارع المسلم المسيَّر دعاويّاً ، وإنْ جادل البعض ، وأصرّ السواد الكثير : أنّ الإسلام ربّانيّ شموليّ وشامل ، دين ودنيا ، شريعة ودولة ، وبالتالي فكلّ مسلم مؤمنٍ مسيَّس ، فرض عين عليه ، فالإيمان ما وقر في القلب ، نعم ، ولكنّ تمامه ما صدّقه العمل . من ذلك الباب الواسع يدخل تزييف الوعيّ لينتج وعياً مزيَّفاً ، تترجمه نتائج الغزوات المباركة على صناديق الإقتراع ، "" نصراً ـ خديعة ذات جمعيّة "" ، تواطئيّتها على ذاتها لا تخفى على ذي حجى ، ولو كانت نزاهة الصناديق ــ وخاصّة تلك النزاهة المقدسة حينها ــ في ابهى درجات النقاء . وبالعودة المراجعيّة ـ الإسناديّة إلى المرحلة النّازيّة ، ورفيقتها الفاشيّة ، من التاريخ ، للدلالة القطعيّة على خطورة الوعيّ المزيَّف ، في إنتاجه ـ وديمقراطيّاً ـ بقوّة ايديولوجيا " وضعيّة " ، أنظمة حكم ديكتاتوريّة طغمويّة ، شموليّة مستبدّة وعدوانيّة ، فإنّ الخوف يصبح ـ لا مبرَّراً فقط ، بل ومشروعاً ـ مطلوباً وضروريّاً ، حين تصبح الأيديولوجيا " سماويّة " مقدسة بقاطع النصّ ، ودكتاتوريّة حرفيّة التزامه ، لا استيعابه واستيحائه وفهمه ، ليس ذلك فقط ، بل يمتدُّ التقديس إلى إنتاج الفقهاء ولو تناقضوا ، والمفسرين وإنْ شطحوا ، والرواة وإنْ دسّوا

والمفتين وإنْ أفتوا على أبواب وموائد السلاطين ، وخاصة سلاطين البترو ـ غازو دولار المتخمين !!! دون اعتبارٍ لاختلافات عاملي الزمان والمكان ، بل وبالقفز الشعبويّ على خصوصيّتهما ، واستحضارهما توظيفيّاً إسقاطيّاً قسروياً على الظرف المعاش ، أيّ ظرف ، وحكم الطالبان في أفغانستان ، وحربه المعلنة لا على المساواة بين الجنسين ، والسوفيت والأمريكان ، فقط ، بل وعلى " تماثيل بوذا " في الحرب المؤمنة المقدسة الضروس ، المستمرة الجهاد على " الأصنام والأوثان " لمثل قائم ودامغ الدليل !!!

تلك العودة كان لا بدّ منها لمحاولة الإجابة على السؤال أعلاه ، وفيها : هؤلاء المسيّسون الاسلامويون لا يقلّون قحّةً براغماتيّة عن الليبرالي والعلماني وكلّ ( حيوانٍ سياسيٍّ ) ، بل وفي جعبتهم ـ من المزايا ـ ما يكسّبهم على الأرض بسهولة عريضة نسبيّاً ، فعموميّة الثقافة الإسلاميّة مجتمعيّة الطابع ، تشمل ـ وبدرجات ـ المسلم وغير المسلم ، وتسيطر ثقافويّة شعبويتها على لغة النشطاء والدعاة وخطب الجمعة ، وتجد بسهولة أذن البسطاء ـ المؤمنين بالفطرة ، وقليل نسبة تسكن منزلة الآحاد بالمئة من متصلّبي اعتناق الإيديولوجيا ـ هؤلاء المأزومون في حياتهم اليوميّة ، المفقرون بآلة الفساد والإحتكار والنهب المنظّم ، في كاثوليكيّة زواج السلطة والمال ، يبحثون عن لقمة العيش المتصاعبة المنال ، وعن وجود مستلَبٍ بسلطة حاكمٍ بأمره ، متألّهٍ نمرود ، هؤلاء هم " بوليصة التأمين " التي شجعت الإسلاموية السياسية البراغماتيّة ، وأغرتها بقبول لعبة المتاح بلا مخاطر ، لعبة الديمقراطيّة ـ البدعة الضلالة !!! ، التي تجد فتوى تبريرها بمقولات جاهزة ، سماويّة أو وضعيّة ، فكله مجلبب بقداسة لا تُطال بنقد ، ولا تُقارَب باعورار ""معاذ الله وحاشاه "" : فقواعد : ( الضرورات تبيح المحظورات ) ، ( وأنتم أدرى بدنياكم ) ، ( وأهل مكّة أدرى بشعابها ) ، كل قاعدة منها ، بما يلحقها من تفسيرات وأسانيد وشواهد ، تكفي لإمرار الجمل من ( خرم الإبرة )، فكيف لورقة عابرة في صندوق اقتراع ؟ !!! قد يصبح ـ هو ـ عابراً بدوره ، ولمرّة واحدة ، يتيمة الأبوين ، أو لقيطة ، وباتّجاه وحيد .

وبعد أليس في استغلال سذاجة سواد الكتلة الشعبيّة الأعظم ، وتعبيرات صافي إيمانها ، وانتهازيّة توظيف ضاغط حاجاتها ، وواضح أميّة وبساطة إحاطاتها بأسباب إعاقاتها ، بدغدغة مشاعر إحباطاتها بوعود عرقوبيّة ، يعلم أصحابها قبل غيرهم أنهم يكذبون أو يروِّجون ـ بساذج الطويّة ـ لكذبٍ باستحالة تحقيقها ، وخاصّة ترويج شعارات فضفاضة ، لا برمجة زمنيّة لتحقيقها ، ولا آليّات محددة لتنفيذها ، تعني كلّ شيءٍ ولا تعني أيّ شيء ، رأس قيميّة عريض فعلها يكمن في امتلاكها سطوة الحضور وقدرة التجييش والتحشيد من مثل مثالها التاريخي الأشهر ، البرنامج السياسيّ ــ المختصر المبسّط لحركة الإخوان المسلمين المصريّة الأمّ : ( الإسلام هو الحلّ ) !!! يبقى استكمالاً للموضوع ، لا إلحاقاً به ، بل في صلبه ، هذا الطلب الملح من بعض الأقلام اللامحايدة رغم لبوس معظمها عباءة النّاصح المحبّ الشفوق ، وعمامة الفقيه ـ الإمام بآنْ ، أنّه على الجميع قبول نتائج صناديق الإقتراع ، وترك الفرصة للمنتصر الإسلامويّ قبل الحكم عليه ، وهو طلب حقٍّ بظاهره ، يريد باطلاً في باطنه ، أو باطنيّته لافرق ، ففضلاً عن الإستهتار بضروريّة وضوح وتوضيح ، وبرمجيّة ملّح برامج الحلول المقترحة ، لحاجات الجماهير المفقرة المسحوقة ، فإنّه يحمّل ظهرها المثقل بمهمّة جديدة ، بتحويلها إلى حقل تجارب عليها ، تتحمّل مسؤوليّة احتماليّة نتيجة الفشل إذا وقع ، أفليس ذلك هو اختيارها ؟ !!!

فإنّه يشي بنفسٍ دكتاتوريٍ لايختلف باستبداده عن منطق أيّ شموليّ دكتاتوريٍّ يطلب مصادرة ومنع "" الرأي الآخر"" وقمع كلّ بادرة احتجاج أيّاً كانت ، وهذه المرة متسلّحاً بدكتاتويّة صندوق الإقتراع ، وطوطميّة قدسيّته اللا مجال لنقدها ، مع أنّه صندوق لا أكثر يجمع ما يوضع فيه ، وقد سبق أنْ أخرج من بطنه وحش النازيّة ، ولعنة الفاشيّة ، كما سبق وأشرنا ، فكم كثرت العبر وقلّ الإعتبار !!! أمّا الحلّ لمن يريد ـ بارادة بنّاء الإستفهام ـ أو الهادف لوضعي أمام حائط العجز واللا جدواتيّة ـ بسوء الطويّة ولغة الإتّهام ـ فلن يكون بطرح عويص أسئلة مصيريّة ، لا أمتلك عميق إجاباتها ، وهذا ليس عيباً يقيم حجّة ، والإعتراف به لا يمنح " فيتو " مصادرةٍ واعتراض ، فناقد الشعر لا يلزمه قرض الشعر ، ومع ذلك فمفيد دائماً العودة بالموضوع إلى مرجعيّة نجاحات الأمم الأخرى في مجاله ، فليكنْ لنا في تجربة الديمقراطيّة اليابانيّة ، خطواتها ومراحليتها ، في أعقاب استسلام اليابان ودمارها في الحرب العالميّة الثانية ، درس نهوض وبناء من بلاد الشمس والميكادو ـ الإمبراطور ابنها .

إشارة أخيرة :

إنّ موقفي المعلن في هذا المقال ليس جديداً مستحدث في ضوء صاخب الحدث العربيّ الحاليّ ومنعكساته ـ النتائج الإنعكاسات ، أبداً ، بل إنّ الواقع العربيّ اليوم جاء شاهد إثبات لموقفي الذي عبّرت عنه ، ولقي استنكاراً كثيراً ، وتفهّماً قليلاً ، ونادر تأييد ، في مقالٍ منشورٍمنذ سنتين ونيّف ، بعنوان ( لستُ توتـالـيتـاريّـاً أبـداً ) وقد أعيد نشره على ( عرب تايمز ) ـ بتعاون هيئة تحريرها مشكورة ـ لا ليكون فقط " توطئةً ـ مدخلاً" لمقالي هذا، وهو جزئيّاً كذلك ، ولكن لأنّي وجدت ، وربّما هيئة التحرير كذلك ، أنه كُتب بمداد راهنيّة الحدث ، بانغماس القلم مبضعاً ، بإرادويّة تفاعل الموقف مع السرديّة ـ الحدث في مساراتها المنتهية إلى مآلاتها بكل يقين

________________

لستُ توتـالـيتـاريّـاً أبـداً



مقدّمة ـ إشارة ، لا بدّ منها لفهم سبب عودتي لقراءة مقال كتبته منذ سنتين ونيّف ، في شهر أيلول 2009 ، ونشر على موقعٍ في سوريّة ( بلدي الأمّ ) يتصفحه غالباً من يصفون أنفسهم ، أو يوصفون ـ جديّة أو تهكّماً ـ بالأنتلّنجسيا !!! ولأنني وجدت فيه ذات الموقف ـ موقفي تقريباً ، بل ووجدت ـ حسب رأيي الشخصيّ بالتأكيد ـ أنّ صاخب الحدث العربيّ الحاليّ ومنعكساته ـ النتائج الإنعكاسات ، جاء اليوم شاهد إثباتٍ لموقفي الذي عبّرت عنه ، ولقي استنكاراً كثيراً ، وتفهّماً قليلاً ، ونادر تأييد . والمقال هو التالي بحرفيّته وتاريخه ، إعيد نشره على موقع ( عرب تايمز ) ، تعميماً لفائدة أرجوها ، فذلك هو ـ ببساطةٍ ـ طموحي ، وخدّمتي التي أستطيع أو أزعمها كذلك ، ولغاية أخرى ، أنْ يشكلّ مقدّمة ـ توطئة لمقال قادم يتصدى لحدثٍ يشغل الجميع

: تاريخ 12 سبتمبر, 2009

في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ،قرننا الحالي ، وأمام كل انتخابات "تقريباً"،وخاصة في ما يسمّى بـ (العالم الثاني = بالتحديد العالم خارج الأوروبي الغربي ـ الأمريكي الشمالي )،أصبح لدى المهتمّين بالسياسة وتطوراتها ،ميدان بحثٍ مستجدٍّ يتعلق بتوقعات الإجابة ،لا عن النتيجة في صناديق الإقتراع التي اختزلت إلى حدود تقنيّةٍ ،مُراقبَة بنزاهةٍ أوبغرضيّةٍ ووصايات ،ولكن عن "نتائج النتيجة" ومستتبعاتها ،عن أيّة ألوان ،ومنها لون الدم ،ستصبغ الساحات على وقع انقسامات المجتمعات وتحشيد الأنصار المترافضين ،وعن رصد لغة الحملات الدعائيّة المرافقة للـ "معارك الإنتخابيّة"وعوامل التأثير في مجرياتها ،خاصة في مناخ "عولمة" تُنصِّب من سادتها "قيِّمين وأوصياء"على جزءٍ من عالم ـ (العالم الثاني) ـ ،يُصّرون على أنّه " قاصر" يحتاج إلى رعايتهم وهديِّهم ليمتلك أسباب النضوج ،والسياسي بالتحديد ،طبعاً من وجهة نظر " المرشد العولمي الأعلى" ،ومختبراته ومراكز دراساته ،وهو هنا الأمريكي بلا لَبْس . فإذا جاءت صناديق الإقتراع بنتيجة تتوافق مع ريح شراع السياسة الأمريكيّة ـ الأطلسيّة ومصالحها ،فهي مقبولة ،ولا بأس أنْ يُشار إلى بعض العيوب والسلبيّات ،وحتى بعض التزوير،لكنْ "الموضوعيّ المحدود"!! الذي لا يؤثِّرعلى النتيجة !! ،وتلك هي الشفافية !!التي تُطهِّر الإرتكاب ،حتى لو كان تدمير بلدٍ ،ومجازر قتلٍ أعمى لمدنيين أبرياء ،بالمئات والآلاف ،كما تظهرها لوحة الإجرام السوريالية ،على ساحة الدم الممتدة على مساحة رقعة البلاد الأفغانيّة ،وبعض الباكستانية ،دون نسيان المأساة العراقية .

أمّا إذا كان العكس ،وجاءت النتيجة مخالفة للمطلوب "العولمي" ومخططاته ،فهي عمل شيطانيّ تخريبي ،ومُعطى إرهابيّ ،يهدد الأمن والسلم الدوليّ !! وهنا لا يعتدُّ لا بالشفافية ،ولا بالنزاهة ،ولا برأيِّ الناخب ،الذي يصبح إرهابي ،وفي أحسن الأحوال مُضَلَل أو انتخب تحت ضغطٍ وابتزاز !!،كما ولا يعتدُّ لا بشهادة المراقب النزيه المحايد ، ولو كان رئيس أمريكيّ سابق (الرئيس كارتر) ،حتى ولا بإقرار المهزوم بالنتيجة !! كما حصل ويذكره الجميع في ،ومع الإنتخابات الفلسطينية "اليتيمة" التي هُزمت فيها "فتح" ،وأقرت فيها بانتصار" حماس " التي وصلت "انتخاباً" إلى السلطة الأوسلوية الهزيلة ،المستكثَرة على "بعض" شعب فلسطين على هزالها !! . ورغم إيماني بالديمقراطيّة أسلوباً في ممارسة السياسة وإدارة العملية السياسية ،ولستُ هنا بمناقض نفسي أبداً ،وليس ذلك استباقاً لدفع اتِّهام باللاديمقراطيّة أومعاداة الديمقراطية ،وقد قلتُ في العنوان مستبقاً إنّني (ضدّ الديمقراطيّة) ،ولكنْ أينَ وكيف ؟!! وليس ذلك لدفع اتِّهام بالدعوة إلى نموذجٍ مُحدّدٍ في الحكم ،أوبتأييدٍ بلا تفكيرٍ لصيغ تعتورها الكثير من النواقص والسلبيات ،أبداً . فللحقيقة والواقع أعترف أنني شاركتُ وأشارك في كل الإنتخابات الفرنسية ،لا لأنّ الديمقراطيّة في فرنسا "كاملة الأوصاف" ومثالية ،أبداً ،فالكثير من الإنتقادات المحقّة تطالها ،بل ومن عصيِّ السلبيّات تشوبها ، ومنها :

1ـ نسبة المشاركة الضعيفة ، حتى في الرئاسيات ،فهي لم تتجاوز الـ (30 بالمئة) ،بمعنى أنَّ قرابة الـ ( 70 بالمئة ) لا يشاركون ، هامشيوا الرأي انتخابيّاً ،ولكنّه "خيارهم الحرّ" ،ومع ذلك فذلك "العزوف الإختياري" سـلبية لها أسبابها ،والتي لا يمكن قبول تحميل مسؤوليتها للناخب فقط فذلك ليس بمنطق عادل أومقبول .

2ـ أنّ الـ (30 بالمئة) المشاركون ،هم من يقرر توجهات الـ ( 100بالمئة) من الفرنسيين،لا سياسيّاً فقط ،ولكن في كلِّ شؤون الحياة ،وكما هو واضح :فذلك لا عادل بالمطلق ،وتلك شائبة أخرى تعتور الديمقراطيّة في فرنسا ،لكنّها هكذا . 3ـ بالتأكيد فهؤلاء الـ (30 بالمئة) ،يراعون مصالحهم "هم" ويخدمونها بالتشريعات ،والقوانين والمأسسة ،برغم كل محاولات الحلول التصالحيّة ،التي يحاولونها في برامجهم لخلق حالة من التوازن المصالحي المجتمعي في مجتمع طبقي رأسمالي ،مُتفقٌ على تعريفه ،متوافق عليه ،بلا ايديولوجية ديماغوجيا شعاراتيّة ،ومن الجميع ،وهذا لا عادل أيضاً رغم الإتفاق والتوافقية.

لكنَّ كل ذلك ،وانتقادات أخرى كثيرة ،لم تحل دون المشاركة الإنتخابيّة ،وإنْ كانت أقلوية ،والقبول شبه الإجماعي الفرنسي بالآليّة الديمقراطيّة ،وبنتيجة ما يقرره صندوق الإقتراع ،وبالإحترام شبه المقدّس للدستور وللنظام العام ،ومن الجميع ،الأقليّة قبل الأغلبيّة ، ففي الرئاسيات الأخيرة عام( 2007 )،كانت بعض استطلاعات الرأيّ ،ومعظمها أحياناً ،ترجِّح فوز المرشّحة الإشتراكيّة (سيغولين رويال) على مرشّح اليمين (نيقولا ساركوزي) ،وحملت النتائج السيّد (ساركوزي) رئيساً إلى قصر الأليزية ،حسناً ،لم يسمع أحد اتهاماً بالتزوير ،ولا باللانزاهة ،ولا بنقص الشفافية ،وخاصّة ،لم يسمع أحد بلجان مراقبين ،لا دوليين ولا محليين ،ولم تخرج المظاهرات العارمة ،لا "العفويّة" ولا "المفبركة" ،ولم تعم الإضطرابات ومعارك الشوارع الدموية ،ولم يتخوف أحد على فرنسا ومستقبلها الذي أصبح على (كفِّ عفريت ) !!،وخاصة لا ذكر للثورات البرتقاليّة ،ولا الزرقاء أو الرماديّة ،المتروكة لفلكلوريّات" ديمقراطيّة شوارعنا الحيّة".

ببساطة شكلت الإنتخابات الرئاسية آلية ممارسة حياة سياسيّة ،مشرعنة دستوريّاً ،وتقريراختيار توجهات مجتمعية ،معروضة برامجيّاً ،بانتظار تطبيقاتها على مدى سنوات خمس ،والحكم على نجاح أو فشل "ساركوزها" وسياسته في محطة الرئاسيات المقبلة عام(2012). هكذا هو الإستحقاق الرئاسي الفرنسي ،وكلّ استحقاقٍ اقتراعي أو انتخابي فرنسي آخر ،ولذلك أُدلي بصوتي ،وأعتبره حقاً وواجب ،بل واجب قبل أنْ يكون حقّ ،وكثيرون مثلي بالتأكيد ،ولو كنّا أقليّة الـ (30 بالمئة) من الفرنسيين فقط . هكذا أعيش الحياة السياسية في فرنسا ،بصيغة مواطنيّة ،حقوقاً وواجبات ،بعيداً عن استعراضيّة فارغة بتلك الـ (فرنسا) ،أو ادّعاء تواضع بائس بانتماءٍ لا يزيد عن وثيقة رسميّة ،شرفٌ هي "نعم" ،بل وأكثر، تستحق الإخلاص والإحترام ،عرفاناً ممن كُرِّم بها ،وعليه فلا أعتقد أنَّ مُنصفاً يمكنه الإنتقاص من سلوكي الديمقراطي ،وعرفاني بالفضل ،بل وإيماني بالديمقراطيّة ،في رحاب مجتمعٍ يقدّم الحد الأدنى لإمكانيّة ممارستها ،ولو ببعض عيوب ،أو حتى شوائب ،تقرربعض تفارق المثال المتوخّى " داليّاً " عن محموله "أو مدلوله"واقعيّاً ،كما يقول بعض المعرفيّين المتخصصين بفقه الألسنيّة وتصانيف أقسام علم الكلام .

هكذا لا أجد حرجاً في معاداتي للديقراطية على إطلاقها دون اعتبار لشرطيّة صحتها ،نشأة تاريخيّة وثقافة مجتمعيّة ومأسسة تطبيق ،في استنكاري للديقراطيّة ـ الفتنة ، للديمقراطية ـ الطوطم والمطيّة ، للديمقراطية ـ العجائبيّة الشافية من كل العلل وتراكمات التخلّف ،إنّها "تعويذة وتميمة" العولمة المعاصرة ،تماماً كماركسية الأمس وعلميتها " المقدّسة "المعصومة ـ العاصمة. إنَّ غوغائيي "النيوليبرالية" ،بكل الإمكانيّات الميدية واللوجستيّة المتاحة لهم ،قد وصلوا ،وبغسل العقول الساذجة ،وبشراء الأبواق الكتبة "المارينزيين" ،من نهّازي الفرص ومتورِّمي الأنا ،وضدّ كلِّ منطق علمي ،نعم قد وصلوا إلى تسويق (روشيتا) الديمقراطيّة ،وتعميم ببغائية اعتناقها ،وتأكيد مفعول وصفتها الشافية حتى لتحضيرالقبائل البدائية في أدغال الأمازون وغابات الكونغو !!! ديماغوجيّة ايديولوجيّة ممنهجة ،وتكنولوجيا فائقة التطوّر،وأقلام للبيع ،وألسنة بكل اللغات ،لاالسياسيّة فقط ،كلّها موظفة في خدمة "السيّد" المتفوِّق الحضاري ،الأبيض "البشرة" ،أومستبطنه المتماهي بقاهره لقدأصبحت "انفلونزا ثقافيّة" وبائيّة النشر والإنتشار،أين من خطرها خطر"انفلونزا الخنازير" ؟!! فالعلميّة وبلا تواضع العلماء (وقد كثروا !!)،حتى بتبسيطها لمفهوم الديمقراطيّة واشتراطاتها ،وبغضٍّ اتّفاقيٍّ عن أصل النشأة والتطور ومساراته ،تتطلب في الممارسة حدّاً ضروريّاً أدنى ،تختزله أقانيم ثلاثة ،تقيم عمادها ،وتمنحها الحيويّة والحياة :

1ـ الحـريّـة :بجناحيها ،للوطن وللمواطن ،فأين نحن ،كعربٍ ،منهما ،وأوطاننا مزقٌ سايكس ـ بيكويّة وكيانات استعماريّة التأسيس والتنفيذ ،وحتى تلك ،فبعضها محتلٌ كلُّه (فلسطين ،العراق) أوبعضه (الجولان وأجزاء من جنوب لبنان ،ومدن وجزر مغربيّة)،وبعضها مشاريع تقسيم مقسّم ،وتجزئة مجزأ (العراق ،الصومال ،اليمن ،السودان ،لبنان ،وحتى الباقي للفلسطينيين تحت الإحتلال....... ) !!أمّا المواطن !! فتسمية مجازية ،إذْ لا مواطن بلا وطن ،فضلاً عن مفهوم "الرّعيّة" التي تشربناها بلا تفكير،وبتربية خنوعيّة ،تسلطيّةٍ ومتخلّفة ،فغدونا معها "قطيعاً آدميّ القسمات" مُفرغ من آدميته ،وبلا مبالغةٍ أوخجل ،غدونا قطيعاً من الدواب على قدمين ،في حظائرمسوّرة بالحديد والنّار،أُريد إقناعنا أنّها أوطان !!.

2ـ العـقلانيـّة : وهنا تبلغ حيرة التفكيرذروة الإرتباك والتشتت ،حين تصفع محاولة بحثه عنها (عن العقلانيّة) ظواهر الخرافيّة الغبيّة ،لا الأساطيرية المؤسِسة ،بل الخرافيّة المستسلمة لمعطى الطبيعة وخوارقه الموهومة المتوهمة ،في نكوصيّة حتى عن "الإيمان المسطح المريح " بلا إعمال العقل ،فكيف بالإيمان بدلالات براهين العقل وإعمال آلياته التي أنعم الله بها على الكائن المفكِّر الإنسان ؟ !! هذا معرفيّاً .

وأمّا الواقع ،فألعن وأدق رقبة ،حين تشلُّ عاديَّ الحياة الإنسانيّة وقدسيّتها أفعالٌ مقزِّزة دنيئة ،لاتكفي بشاعة الجريمة لوصفها ،حين تنفلت الغرائز في سفالاتها العرقيّة والإثنيّة ،المتعصّبة الدينيّة والطائفيّة السياسيّة ،الجاهليّة القبليّة والهمجيّات العشائريّة العمياء ،ولنا في عراق "اليوم " في السودان والصومال ،في اليمن والجزائر ،وفي لبنان ولسنوات خمسة عشرة ،سيرة عارٍ سلوكي وخيبة لا تشرِّف ،وصفحة تاريخ عِبرة سوداء لانفلات العصبيّات وسقوط العقل والعقلانيّة ،لا مرّة ،بل مرّات ،مما يسمح بطرح سؤالٍ " استفزازي " : إذا كان من أهم صفات الكائن البشري مقدرته على التعلم ومراكمة الخبرات ،فكيف يُصنّف فاقد تلك المقدرة الموجودة بالمبدأ ؟!! وما الإسم الذي يدعى به عندما يُعطِّلها ويتخلّى ،إرادوياً ،عن استعمالها في حال ثبات وجودها ؟!!

3ـ صندوق الإقتراع :الأقنوم الثالث ،هو ما نراه ،وهو الجانب التقني ،والبعد العملياتي لممارسة الديمقراطيّة ،في شكلها دون المضمون أو بصرف النظرعنه ،مما يصرف الإهتمام ،ولو آنياً ،عن الإقنومين الأولين المؤسسين بالعمق لمضمون الديمقراطية والتي لاتستقيم بتجاهلهما أوإهمالهما ،في تركيزٍ " فينومينولوجي" على الديكور ،وحركات الممثلين إيقاعيّة الإخراج على المسرح ،دون اعتبار للموضوع ـ العرض ،مما يحيلها إلى شكلانيّة فارغة من المضامين ،المغيّبة بسابق ترصُّدٍ أوسهو دعيٍّ جهول !! فإذا كانت مقولة : " لا ديمقراطيّة بلا ديمقراطيين " تظلُّ صحيحة بقويم المنطق وحكم العقلانيّة ،فبهما كذلك "لا ديمقراطيّة بلا تربة مؤهِلةٍ وواقع ـ رافعة من تراكم تاريخٍ : ثقافيٍّ ـ تربويٍّ ـ ذهنيٍّ بنيويٍّ ديمقراطي ،مع دفع الثمن المتوجب ،وفي كل الأوقات ،فلا مجانيّة في المكاسب إلاّ في المنطق الإنتهازي ،والديمقراطيّة مكسب حقيقي مكتسب بالتضحيات ،لا واجهة انتهاز وشعار يهدهد أحلام يقظة "مناضلي الصالونات وأرصفة المقاهي وأقلام كتبة الموسم المارينزي الآفل " . تبقى الديمقراطيّة في بلدان (العام الثاني) ،وبأسفٍ لكنّه الواقع ،تأمين لقمة العيش الكريم ،الطبابة المدروسة وإنجازبرامج الصحة والتعليم ومحو الأميّة ،التقدّم المدروس بثبات في مشاريع البنى التحتيّة ،في الخطط الزراعيّة والتصنيعيّة ،في إصلاح وتطوير بنى الإدارة وإجهزتها ،في الخروج بالمنظومة التشريعيّة من القروسطيّة إلى العصرنة .......إلخ والأهم بلورة هويّة الأوطان واقعاً حتى لا يصبح الطموح الحق حنين حالمٍ وقصائد وقوفٍ على الأطلال !

نعم مازالت الديمقراطيّة في بلداننا ثوريّة التأسيس والإنجاز ،وبالتالي كان ومازال الديمقراطي في مجتمعاتنا هوالثوري فقط ،وفي كلّ سويّة وموقع ،لا النيوليبرالي الثقافوي المتغرِّب والمبهور ،ولا الوسيط ـ المرتبط (الكومبرادور) । الديمقراطيّة ـ الديكور لإرضاء الآخر الوصيّ ،" المرشد العولمي الأعلى" و"الأخ الكبير" ليست لمجتمعاتنا ،ليست من طبيعتها ولن تقدّم حلاً لمشاكلها وحاجاتها ،بل بالعكس فلتتحضر المجتمعات الواهمة بنعيمها إلى المزيد من الأزمات والخنادق المتواجهة ،وإلى المنتقى لها ولشعارات بؤس لاعبيها من ألوان "قوس قزح" ،طبعاً بالإضافة إلى لون الدم الحاضر أبداً ،وكافيّاً معبّراً ما حصل في إيران مؤخّراً . فليس ارتجالاً ولا مزاجيّة ،لا وليس التزاماً بصيغة من الصيغ في التطبيق ،بل بعد ملّي التفكيرإنّني أكرر : لســـتُ توتـالـيتـاريّــاً أبـداً ،ولكـنّي "ضـــدّ الـديـمــقـراطـيّـة ،وآملي أنّني لستُ وحيداً



ليست هناك تعليقات: