سلاح جديد وشاهد ملك آخر ..
بقلم د.منير وسّوف القوي
يبدو أنَّ حكومة المنطقة "الخضراء" في بغداد قد صدّقت نفسها أنّها حكومة صافية الشرعيّة،بقياسها ومقاسها !!
وأنّها تمثّل إرادة الشعب العراقي بالمطلق بلا مساءلةٍ أوحتى تساؤلٍ أو سؤال !!
والأدهى أنّهاتحاول افتعال معارك مع أشقاء العراق هروباً إلى إلى الأمام ـ إنْ كان لها من أمام !! ـ بالأمس مع الكويت ،واليوم مع سورية ، هروباً من حقائق لا بدَّ من تذكيرها بها ،مع كبير الظّن أنَّ نسيان تلك الحقائق مستحيل ،في ظلِّ تتابع مفاعيلها التي لم تتوقف منذ الغزو الأمريكي ـ البريطاني ـ الذيولي (الذيولي = الدول أذناب أمريكا المشاركة في الغزوّ اللاشرعي للعراق واحتلاله ـ حتى لايُنسى هؤلاء أيضاً ـ فبعضهم ،ومن النظام الرسمي العربي ،لازال يتابع أدواره المرسومة في العراق وغير العراق أيضاً) .
من تلك الحقائق :
١ـ أنَّ العراق مُحتلّ لاشرعيّاً من قوةِ احتلال أجنبيّة ،وأنَّ مقاومة الإحتلال حقّ مشروع ،لا يغيِّر في تلك الحقيقة (الإحتلال) وحقيقة حقّ الردّ عليها (المقاومة) كلّ القرارات الدوليّة الإستدراكية المشرعِنة ،ولا جميع الإنتخابات المفبركة تحت حراب الإحتلال .
٢ـ أنّ حكومة "المنطقة الخضراء" هي حكومة أمرٍ واقع ،وحكومة مُعيَّنة من المحتل الأمريكي ،وستبقى كذلك ما دام الإحتلال قائماً ،وكل وسائل الإتفاقيات ـ الماكياج لن تنفع .
٣ـ أنّ حكومة "المنطقة الخضراء" لا تمتلك شرعيّة ادعاء تمثيل العراق وهي التي تعجز عن التدخل في أحد أقاليمه على الأقل (الشمال العراقي).
٤ـ أنّها وبتركيبتها الطائفيّة وذهنيّة مسؤوليها "الدُّمى"،تُقصي مُركّباً أساسياً ـ وعربيّاً ـ من مكوِّنات الشعب العراقي ،وتمارس إقصائيّة استئصاليّة له ولممثليه، في الوقت الذي يُرسِّخ المكوِّن الكردي كيانيَّته الأقاليميّة على حساب وحدة العراق ،مما يجعل صورة دورحكومة "المنطقة الخضراء" جليّة في المرسوم لمستقبل العراق (مخطط " العراق ـ الأقاليم الثلاثة "،الذي يدعو إليه "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ،وبعض رئيسيِّ الحضور في تركيبة "نظام الأمرالواقع" في بغداد) .
٥ـ أنَّ هنالك ملايين الفارين ـ اللاجئين العراقيين من "نعيم"عدالة المحتل ونظام الأمرالواقع" في بغداد ،وأنَّ حصّة سورية من هؤلاء تتجاوز المليوني هارب ،وسورية تلبي حاجة هؤلاء من منطق الأخوة والواجب القوميّ ،دون اعتبار لمواقف النظام في بغداد ،لا أيام "صدّام" بالأمس ،ولا"نظام الأمرالواقع" اليوم ،ولن يكون المعيارـ المحدِّد الموقفي لسورية يوماً غير انتمائها لأمّة العرب وموجبات الأصالة القوميّة ،والأخوّة الإنسانيّة ،وليتذكّر " حكّام الأمرالواقع البغدادي اليوم " : كيف عاملتهم سورية ،بالأمس ،حين كانوا الفارين من بطش "صدّام" ،أمْ أنَّ الجاحدين ،أيضاً، لايتذكّرون ؟!!.
٦ـ أنّ حكومة "المنطقة الخضراء" لم تقدّم شيئاً ملموساً لهؤلاء ،اللهّم إلاّ دعواتهم للعودة ،مرفقة بالتلويح بالمحاكمات والمحاسبات والتصفيات ،وعلى الرأس من ذلك القانون اللاعادل ،واللاقانونيّ بالمطلق ،القانون الثأريّ البدويّ ـ والكاوبوي الأمريكيّ ، المسمىّ ( قانون استئصال البعث ) !! .
٧ـ أنَّ العراق جزء لا يمكن عزله "جيوـ بوليتيكوـ استراتيجيّاً" ،ولا تكتيكيّاً ،عن محيطه ،ومحيطه العربيّ بالخاصّة ،وفي القلب المُؤثِِّرـ المُتأثِِّر منه ""ســوريـة "" بالتحديد ،والواقع المعاش شاهد ناطق ،وليسأل النظام الصنيعة ،"نظام الأمرالواقع" ،في المنطقة الخضراء ،صانعه الأمريكي عن النبأ اليقين !!.
٨ـ أنَّ سـوريّة جادّة في قبولها التعامل مع "نظام الأمرالواقع" ،في المنطقة الخضراء ،لالشرعيّة يمثلها كما يُتوهَم ويُصَوَّر،ولا لنفعيّة انتهازيّة رخيصة ،ولكن لواقعيّة سياسيّة ،تأخذ في الحسبان معاناة شعب العراق الشقيق ،ومستقبل العراق المُهدَّد ،دون المساومة على الموقف المبدئي الثابت في رفض الإحتلال ومفاعيله ،نتائجه ومفرزاته ،وفي رأس الأهداف زوال الإحتلال والحرص على وحدة العراق واستقراره .
٩ـ أنَّ سوريّة تدرك ديناميّات الحراك السياسي في منطقتنا العربيّة ،وتعرف بدقّة عوامله ،الدّاخليّة والإقليميّة والخارجيّة ،وتعرف محدّداته ومحرِّماته ،لا في العراق فقط ،ولكن في فلسطين ولبنان أيضاً ،وتعرف بالتحديد من هو "شيف الأوركسترا" ،وكيف يختلط المحلي بالإقليمي بالمصالح الدوليّة الهمايونيّة ،وتفرز الأدوار بلا أوهام رغبوية ،فتميِّز بسهولة دور الممثل المتقن والكومبارس البديل والمخرج الحقيقي لا المنفذ فقط ،فالسيناريو جديد ـ قديم ،والتاريخ موصول من نوري السعيد إلى نوري المالكي ،أمْ يظنُّ ممثلوا "نظام الأمرالواقع" ،في المنطقة الخضراء أنَّ مرض النسيان عربيٌّ كما يُشاع ؟!! ألا بِئس ما يظنون .
في ضوء ما سبق ، وعلى ما يبدو ،فقد قررت ذات الدوائر اللاعبة بالأمس على معزوفة " محكمة الحريري "،إعادة الكرّة بذات المعزوفة النشاز ،ومع سورية بالتحديد ،ربّما لكسب الوقت أمام ارتباكها وتعرقل مشاريعها ، ولشغل ناخبها عن مشاغلها وتعهداتها ،ومشاكله المستعصية التي لا تملك حلاً لها ،وهنا في هروب للأمام بامتياز ،من أمريكا الأوباميّة المتخبطة بين حروب خارجيّة يستحيل الإنتصار فيها ،وبين أزمات ماليّة تتابع فصول إفلاس بنوكها ،وصحيّة تتعرقل خطط إصلاح ضمانه ،وسياسات خارجيّة لم يطل الوقت لاكتشاف ازدواجيّة لغتها ،لا بالتصريحات المتناقضة للرئيس أوباما "المنمق اللغة" ونائبه بايدن "ذوالتاريخ السياسي المعروف" فقط ،ولا بالمقابلات المصحَحة والسياحيّة للسيّدة " كلينتون "وزيرة الخارجيّة الأمريكيّة ،ولكن بالمواقف العملياتيّة للإدارة الأوباميّة الأمريكيّة ،من كولومبيا في أمريكا الجنوبيّة ،إلى أفغانستان وباكستان ،وإلى شبه الجزيرة الكوريّة ،مروراً طبعاً بمنطقتنا المشمولة بالعناية أو اللعنّة الأمريكية ،
إلى الكيان الصهيوني المتهرّب مما يسمى باستحقاقات السلام ،
إلى بعض النظام العربي المرتهِن ،الباحث جلّه عن غده المبهم ،عن مآلات انسياقاته ،وأيلولات المصيرالمحتوم .
فلنتذكّر دائماً ،تلك العدالة الدوليّة العوراء ،من نموذج " محكمة الحريري "وفبركاتها ،وشهود زورها ،وخاصّة شاهدها الملك (محمد زهير الصديق) ،ومحققيها "النزهاء" ،ميليس ومن لفّ لفه ،ولغة ألسنة الإتهام التدخليّ من نموج "أوكامبو" ووقاحته ،خصوصاً وقدعلت لغة التهويش والإتهام والتهويل في الإعلام العراقيّ المنفلت ،وعلى كلّ المستويات ،ونفس السيناريوهات لذات المؤلّف أوالمفبرك ،لافرق ،لم تعد تخفى على مبتدئ فكيف بمجرَّب ؟!!
لكنَّ الهدف الآن طُوِّر ،فلم تعد الحقيقة ومعرفتها وتحقيق العدالة هي الهدف ،ولم تكنه يوماً ،وإنما سلّة من الأهداف تبدو مطلوبة بلا مواربة :
١ـ الضغط على سورية لتليين مواقفها المبدئيّة من رفض الإحتلال ومفاعيله ونتائجه ،ومنها مصير العراقيين المليونين على أرضها.
٢ـ قلب هرم المنطق والحقيقة بتكريس مشروعيّة الإحتلال الأمريكي وصنيعته حكومة المنطقة "الخضراء" في بغداد ،وإدانة المقاومة الشرعيّة للإحتلال بإلصاق تهمة "الإرهاب" بها ،بعمليات إجراميّة مدانة ومفتعلة ،ومن نتائج الإحتلال ومخططاته المُمعِنة في تمزيق العراق ،شعباً ،ومجتمعاً ،ووطن ،وموقف سورية الواضح ،المُدين والرافض ،للجرائم تلك ،لاتعتوره شائبة ،فالمقاومة الوطنية لا تقتل أهلها بالعنف الأعمى ،أمّا الطائفيّون والمحتلون فبلا .
٣ـ تكريس سابقة في العلاقات الدولية بتجريم المعارضين لإلغائهم ،وإرهابهم ومؤويهم ،بتسلمهم وتسليمهم بمذكرتِ جلبٍ دوليّة، وبالتالي ممارسة استنسابيّة في ممارسة الديمقراطيّة والحق في المعارضة ،وعلى المقاس المطلوب من "الحاكم" وحتى"المحتل" ،فعلى مايبدو لم تعد سجون "أبوغريب وغوانتانامو" تفي بالمطلوب !!.
٣ـ استصدار إدانة من مؤسسات منظمةالأمم المتحدة ـ المدجّنة أمريكياً ـ لا للمقاومة فقط ، ولكن لكل حركات التحرروتاريخها ،بوصمها بفرية العصر " الإرهاب" .
٤ـ إعادة تصنيفٍ ،وتطويرتعريفٍ، لم يكتمل إنجازهما (؟!)،لمعنى "دولة القانون الشرعيّة وسلوكها ،ولصفات الدولة "المارقة" وممارساتها ،وهنا مربط الفرس في حملة التجنيّ والتهويش ،والإفتراء ات ـ الفبركات التي علا منسوب جعجعاتها .
ثانية ً،لنتذكّر دائماً ،وبلا استخفاف :
صورة الرجل، والذي قيل :
يدعى (وسام علي كاظم )،والذي بدا هادئا "بصورة غريبة" بالنسبة لمتهم بالقيام بدور في أكثر الهجمات دموية في العراق ،مُقرّاً "بدمٍ باردٍ مطمئن" من على شاشة تلفزة حكومة المنطقة "الخضراء" في بغداد ،انه نسق عملية التفجير مع زعيم احد فروع حزب البعث ،والذي يقيم في سوريا.
شاهد ملك آخر؟!!
سلاح شرعيّة دوليّة جديد ؟!!
إنه زمن اللامعقول ، زمن الكذب و"المجرمين الشرفاء" بلا حياء ،إنّه زمن الكوابيس والجنون ،فعش في شقائك الأبديّ أيها العقل ،وفي سرير عصري عولمي هذه المرّة ،"نمْ" وخذ إجازة ،وقرير العين "نمْ" ،فالعدالة الدوليّة لعوراء تحرسك .
شام برس
الخميس، 27 أغسطس 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق