الاثنين، 28 نوفمبر 2011

الحربٍ المفتوحة على سوريّة ، وإلى إشعارٍ آخر

من قلم د . منير وسّوف القوي

بداية ، يجب التزام التسميات الرسميّة لضرورة الدّقة وسلامة التحاليل ، فخطلٌ وخلطٌ الإشارة بتسمية ( الجامعة العربية ) إلى المؤسسة الرسميّة ( جامعة الدّول العربية ) ، فهي تُجمِّع أنظمةٍ قد تمثّل أو لا تمثّل ، ــ أو بين بينٍ !! ــ شعوبها ، أو ما يشار إليه رسميّاً بشعوبها ، مع أنّ الوقائع تؤكّد ــ ومنذ قيام الجامعة العتيدة بجهد بريطانيّ لا مشكور ــ أنّها جهاز ""دورٍ وظيفيّ "" يندرج ويتسق في نشاطاته مع السياسات "" الغربية حصراً "" في المنطقة الممتدّة من حدود الصين ــ شرقاً ــ إلى الشواطئ الشرقية للأطلسيّ ــ غرباً ــ ، وأنها لم تكنْ يوماً ( جامعة الدّول العربية ) معبّرةً عن مصالح وأمنيات الأمّة العربيّة ، حتى في المرحلة "" الناصريّة"" وما عانته "" مصر الناصريّة "" من سياسات مؤتمرات القمّة وتصالحيّة تلفيقاتها ، بل كانت ، تلك الجامعة !!

دائما ، في مواقفها وقراراتها إصدارات مهادنات ، وتجسيد توازنات ( النظام الإقليمي ' العربيّ ' الرسميّ ــ السايكس بيكوي ) وارتباطاته الملتبسة ، لتصبح مع نسخته المطوّرة ( النظام الإقليمي ' العربيّ ' الرسميّ ــ السايكس بيكوي ــ الصهيونيّ ) اعتباراً من عام ١٩٧٩ ــ عام اتفاقيّة ( كامب ديفيد ) التي أخرجت مصر من دورها الرياديّ العربيّ التحريريّ التّحرريّ ، إلى الخندق المضادّ ــ لتصبح ــ تلك الجامعة ــ بهلواناً حيناً ، ومنصّة رِدَّةٍ وخيانات أحياناً ، فما انتقالها من ( مصر ) إلى ( تونس ) واستمرار كلّ دول الخليج وممالك النظام الرسميّ في التواصل ـ بل والمنشّط ــ مع النظام الساداتي وخليفته بعد ذلك ، النظام السمبركاوي (/ الساداتي ــ المباركي / بعلّة الإرتباط المشيميّ وحبله الصهيوـ أمريكيّ !! ) ، رغم ما أُعلن عن طرد ( مصر ) الكامبديفيديّة منها ، إلاّ مثلاً عن دور تلك الجامعة البهلوان ــ الإلعوبان !!

وأمّا دورها كمنصّة خياناتٍ ورِدّة ، ومعاداةٍ لمصالح أمّة العرب ، فتلخصها مواقفها وسياساتها ، لا السمجة " المائعة المائصة " من قضيّة العرب المركزيّة ، أمّ نكبات العرب ( نكبة فلسطين ) ، منذ ( حرب الإنقاذ ١٩٤٨ ) وخياناتها ــ لا رسميّة مهازلها وكاريكاتورية خوضها فقط ــ ، إلى التخلي الصريح ــ السطحيّ الإخراج ، سخيفه ــ عن قوميّة وعروبة القضيّة الفلسطينيّة ، بانتصار النظام الإقليميّ الرسميّ لوافده الجديد ، وصنيعته النفطيّة المبكّرة ( الخط الفتحاوي العرفاتي ) الذي أوصلنا إلى ( اوسلو ) وشوهاء عطاءآتها ، وأخيراً ليس آخِراً ، مبادرة ( فريدمان ) ــ السعوديّة التقديم ( مبادرة عبد الله ) ــ التي استقرّ مزاد تسميّاتها ــ ببهارات مطبخ الجامعة التحفة ــ على ( مبادرة السلام العربيّة ) الملقاة ــ بابتذالٍ وذلّةٍ ، بهوانٍ ومسكنةٍ ، مثيراتٍ للقرف والإشمئزاز ، لا للشفقة فقط ــ إنْ كان لها من مكان ــ أكررُالملقاة على طاولة المفاوضات التي لا تعلم جهابذة الجان الزرق ــ بعد سنوات تسعة ــ أين هي ، وإنْ كان ( آرييل شارون ) قد حدد لها مصيرها والمكان الذي تستحقّه ، ساعة إعلان ميلادها البيروتي المشين ، إلى "" سلّة المهملات "" واصفاً إيّاها في ردّه المستجدى ، بكل صغار المبادرين ( أنّها لا تساوي قيمة الحبر الذي كُتبت به )

وفي ذلك أجدني ــ وبلا وخزة ضمير ، أوخوف من اتهامٍ بخيانة ، أو تهويل بسقوطٍ في خنادق العدوّ ــ أقول :

شكراً يا ( آرييل شارون ) ، شكراً من عدوّ لم ولن يكون إلاّ إيّاه ، ولكنّ الحقّ يُقال ، وهو في حقّ عدوٍّ أسطع وأبهى ، فلقد لقّنتَ هؤلاء القادة الأدعياء درساً في "" الجديّة وثبات الموقف ،فضلاً عن الإخلاص للمعتقد الصهيونيّ العنصريّ ، رغم بشاعته ، لكنّه ليس قابلاً ــ من مؤمنٍ به ــ أنْ يصبح عرضةً لسياسات التسوّل وعرضاً في بازارات مفاوضاتها "" وبذلك وفرت على أمّة العرب ــ حتماً من حيث لاتريد ــ انتظار " غودو " السلام الذي لنْ يمرّ يوماً في محطّة الحكّام ــ البهلوانات ــ الحواة ، أعضاء سرك الردّة المشبوه ( جامعة الدّول العربية ) ، الأشهر بطهارتها ونقاء سريرة أعضائها ، بشهادة ""عفاف بريطانيا "" صاحبة النطفة ــ الفكرة ، راعية الحمل المشبوه ، و"" القابلة القانونيّة "" مصدّرة تاريخ ميلادها !!!

تلك الوقفة التأريخيّة الموجزة ، في استعراض بعض المحطات المفصليّات ــ الفواصل لـ ( جامعة الدّول العربية ) مع فلسطين المغتصبة ، ونكبة العرب الكبرى أصل كلّ بلائهم ، اقتضتها ودفع إلى إبرازها ، والتشديد عليها ، دافعان :

الأول :

لإنعاش ذاكرة أمّة العرب ، وتذكير البعض المأخوذ ببريق الشعارات الشعبويّة ، بالتاريخ الأسود لسياسات وإنجازات تلك المؤسسة المشتبهة ( جامعة الدّول العربية ) ، الذي وسمها ، ومارسته ، بحقّ الأقدس ، والمركزي ، والجامع لأمة العرب ( فلسطين ) ، أرض المعراج المعجزة ، والمسجد الأقصى في قدسه الشريف ، مهد عيسى المسيح المصلوب ، وكنيسة القيامة الأسيرة ، في معتقل ورثة " قتلة الأنبياء " ( إسرائيل ) ، والأحدث ــ الحديث من مآثرها ، مواقفها المخزية الأخيرة ، من بربريّة الكيان الصهيوني في عدوانه الوحشيّ على ( غزّة هاشم ) ــ عام (٢٠٠٨ ــ ٢٠٠٩ ) ، والحصار الصهيونيّ ــ الإقليميّ ــ الدوليّ ( ناتوي ) الخانق ،المقيم على إنسانها ، وبالتأكيد جزء منه " عربيّ " مُعلن ، والذي حرّكت آلامه ومعاناته أربع أصقاع الأرض ، فماذا فعلت ( جامعة الدّول العربية ) ــ لا حيّاها الله ــ ؟!! وقبل ذلك ، ما الذي فعلته حين أباد الصهيونيّ ( مخيم جنين ) ؟ !!

أترك الإجابة لك يا أمّة العرب ، ولن استرسل للحديث عن ( لبنان ) ، فالحديث ذو شجون ، والشرح يطول ويطول ، ولن يقف عند مجزرة "" الحضارة البوشيّة المتوحشة "" في أرض ( العراق ) ، فالفيلم طويل ، وإنجازات " الناتو " في ( ليبيا ) بعض مشاهده المُظَهّرة ، وفيها دور ( المحلِّل ــ المجحِّش ) ،وغطاء الزِّنى المشرعِن ، الذي باشرته ( جامعة الدّول العربية ) ، وديوثيّ أحبارها ، في مستجد الأدوار المنوطة بالمؤسسة التّبّعيّة التابعة ، فلا يقولنّ قائل مختطفةٍ !! تلك هي ، وتلك حقيقتها ، منذ استيلادها مشروعاً بديلاً لمشروع وحدة الوطن العربي ، وحلم العرب بالغد المشرق العزيز والأمّة العربيّة الواحدة ( ولن يمنعني من ترداد ذلك ، لا اتهاماً بالشوفينيّة ولا بالعنصريّة ، ولا بخشبيّة القول ، ولا بتبشيريّةٍ بأفول المشروع القوميّ ، كما يردد كلّ ذلك ، والأكثر منه ، ليبراليوا المارينز، وحديثاً طبعتهم المحدّثة ( الناتويون ) ، وحديثوا الديمقراطية ( اللاديمقراطيين بل الثأريين العنفيين حتى بين تجمّعاتهم ) ، وأقليوا الإثنيات المتسترين على فجاجة عنصريتهم بصراخ المساواتيّة !! ، وكأننا ـ نحن العرب ـ قد حققنا ذاتنا ، ورفعنا الضيم عن أعناقنا ، وأنجزنا تحررنا ، وأقمنا "" دولتنا ــ الأمّة "" التي تسوم أقليّاتها الإضطهاد والعسف ، وتطبّق بحقّهم سياسات " الأبّارتايد "!! وربّما سياسات الترحيل !! ، وكأنّ وطننا العربيّ ليس ممزّقاً ومغتصباً ومهاناً إنسانه ، ومنكوراً عليه حقّه بالحريّة والتمتّع بخيرات وطنه ، وحقّه بلعمل والتنقّل بين أصقاعه بلا جواز السفر ووصمته ، ونظام الإسترقاق ولعنة الكفيل واستعباده ، نعم كلّ ذلك وأكثر ، على يد النظام الذيليّ ، اللاشرعيّ ( النظام الإقليمي ' العربيّ ' الرسميّ ــ السايكس بيكوي ــ الصهيونيّ ) ، كل ذلك واقع وحقيقي ، ولذلك سأرفع الصوت بحقيقتي ، ولن يرهبني التهاتر ولا فحيح التهم المرسلة أو نعيق غربانها الكئيب .

الثاني :

وارتباطاً بـ ( الأول ) ، فإنّ الإصرار على التمييز بين حقيقة مؤسسة ( جامعة الدّول العربية ) وحقيقيّة علاقتها بالإنسان العربيّ ، ووضعها في السياق الوحيد لما تمثّله ، من مصلحةٍ ، وما تظهره من صورة ، بلا أيّة رتوش ، هو للنظام اللاشرعي ( النظام الإقليمي ' العربيّ ' الرسميّ ــ السايكس بيكوي ــ الصهيونيّ ) التّابع ، وعليه فإنّ كل ما يصدر عنها ، فعلاً وقولاً ، إنمّا يمثّل ــ حصريّاً ــ ذلك النظام وارتباطاته ، فلا يجب أن ( يطوش الحجر ) ، ولا أنْ تنحرف البوصلة ، فيرتدّ الكيد إلى نحر العربيّ بدلاً من نحر من كاد له ، فيتحقق المراد المرسوم من توجه خاطئ ضدّ الذات أولاً ، وضدّ الذات دائماً ، بالهجوم على ( العروبة والعرب ) !! في ""دوشة"" لا براءة في ملامحها الكالحة ، فالحرب المفتوحة على سوريّة ، وتحت كلّ الذرائع ، المحقّة المشروعة بأقلويتها ، والمفتعلة الباطلة بساحقها ، إنّما تستهدف سوريّة وجوداً وانتماء ( الموقع والهويّة ، التاريخ والدّور ) ، فلا سوريّة بلا عروبة ، ولا سوريّة بلا دورها ( قلب العروبة النابض ) بحقّ ، واقع قرر التاريخ حقيقته ، عمّدتّه ( حطين ) بالمنجز الطاهر لـ ( صلاح الدّين ) ، ورفعت على أرضها شاهدة تأكيد حتميّة انتصار الأمّة في ( عين جالوت ) ــ وطبعاً ( حطين ) و( عين جالوت ) في فلسطين ، الجنوب السوريّ قبل سايكس ــ بيكو وأقلام رصاص خرائطها ــ ، وتصبح العروبة شوهاء بلا سوريّة ، مقعدة بلا دورها ، مقتلعة من أصالتها وحصن عفافها ، مرمية إلى أحضان عاشقٍ عابرٍ ملول ، تجذبه حاسة شمه الجشعة لرائحة نفط وغاز آبار أرضها ، فلا يجب أبداً ، بل ومن الممنوع والمعصية ، مهاجمة العرب والعروبة ، فهو إطلاق رصاص في الصدر من مسدّسٍ صاحبه ، خيانة للذات ، وفي بعضه تأكيد للبشرى الكالحة الشامتة ، أنّ المشروع العربيّ مات ، وــ فقهياً ــ إكرام الميت دفنه !!!

ومما لاشكّ فيه أنّ المشروع العربيّ حيّ ، وإنْ كان في أزمة ، والشارع العربيّ ناطق ، ولو حوّر المحوّرون ، وطفا نهازوا الفرص السياسيّة والإنتهازيّون ، والواقع السوريّ وأزمته يقدم الشاهد الأفصح ، وغداً حين ينقشع دخان الحرائق المتنقّلة ، وفي معظمها مدبّرة ، سيكون لسورية قولتها وردّها ، ولن يتأخر كما يتوهمون . وأمّا ورقة العقوبات الإقتصادية ، المشرعة على ( سوريّة ) ، من قبل ( جامعة الدّول العربية ) ، ففي سياق تلك الحربٍ المفتوحة تأتي ، وعلى شعب السوري أولاً ثمّ على النظام ، جديدها قديم ، ودون استهانةٍ ولا تهويل ، مُتوَقعة هي ، بل ولن تكون خاتم المطاف ، لكنّه قدر الأحرار أنْ يدفعوا ، وفي خزائنهم الكنوز ، وكنز الحريّة لا يعرف النضوب ، وهو ما لا يعرفه ولا يفهمه ، ولن يمتلك مفاتيحه التُّبع العبيد .


ليست هناك تعليقات: