الاثنين، 23 فبراير 2009

العلاقات السورية ـ التركية والأمن القومي العربي


بقلم : د. منير القوي
في حلقات ثلاث سابقة على موقع (مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجيّة) ،تناولت بشيءٍ من التفصيل العلاقات السوريّة ـ التركيّة ،من منظور رؤيةٍ :لا تأخذها استراتيجيةٌ تقفز فوق الوقائع ،ولا براغماتية تلغي حوادث التاريخ ،ولكن من واقعيّةٍ حياتيّةٍ ،لا تعدم المستقبل لحساب ما أصبح اجتراره إعاقةً ثأريّةٍ ،لإمكانيّة انسجام تطلعيٍّ ،يرتكز على حقائق الجيوبوليتك ،نحو بناءٍ يحقق مصلحة أمتنا في امتلاك أسباب القوة : وأولها: عدم هدر طاقاتها في معارك سيِّئة التوقيت ،جانبيّة وعبثيّة (معركة البوابة الشرقيّة :شاهدها البائس، ومثالها الغبيّ) 0وثانيها: التزام صواب الرؤية في تحديد العدوّ ، ولا عدوّ لأمة العرب ،يتقدّم عدوانيّة وشراسةٍ ،واستهدافاً على الكيان الصهيونيّ الغاصب ، والذي أصمَّ تابعوا سيّده الأمريكي ،وشركاؤه ،مغتصبوا شرعيّة أمّة العرب ،الآذان عن نداء الرئيس العربي (بشّـار حافظ الأسـد) ،بل صرخته أنّ هذا الكيان: (إرهابيّ) ،وهو كذلك ،ولم يكن غير ذلك ،ولن يكون إلاّ ذلك ، ولكنْ كيف يشهد شريك القاتل على الجريمة ؟! فكيف إذا تعدّى الشراكة إلى التحريض ؟! بل وتوسل الإجهاز على الضحيّة ؟! أوليس ذلك ما قاله مدلل (شرم الشيخ) : أولمرت ؟!! وأكّدته ( السّت :حسب أبي الغيط ،ويقصد الإرهابيّة : ليفني) من على منبر بوابة قصر الرئاسة المصريّة ؟!!بكلّ البساطة : للكيان الصهيوني صهاينته من حكّام النظام الإقليمي (اللاعربي) ـ السايكسبيكوي ـ البلفوري ،وذلك قديمٌ قدم نكبة العرب في فلسطين، بل منذ طور الإعداد لها ،وللنظام السعودي قصب السبق ،وإن بدأ بعض التّبع سباقاً أعرجاً معه، في اثبات الولاء للسيّد المتعاقب ،الإنكليزي بالأمس ،والأمريكي اليوم ، فهل سيسمح لهم متابعة أشواط الخيانة مع سيّد الغد ؟ !! أشك بذلك ،فجماهير أمّة العرب قالت كلمتها بعنوان : ( غزّة العزّة ) ،وقبلها :( لبنان المقاوم المنتصر)، نعم قررت الجماهير العربيّة الحرّة : أنّها سيّدة الغد ،فلا مكان للتُّبَّع ، ولا للخنّع ،ولا (لأنصاف الرجال )، فكيف وهم شرّاك إجرامٍ صهيونيّ ،وسدنة حصار مقاوم غزّة ،وأعداء جماهير الأحرار ؟ !! بل وسرقة قوتهم ومستقبل أطفالهم ؟ !!واليوم :حين ينتفض رئيس الوزراء التركيّ ،السيّد ( رجب طيّب أردوغان ) على همجيّة عصابة القتلة في الكيان لإرهابي الصهيوني الغاصب ،لا يجب فهم ذلك بتبسيط بدويٍّ بدائي،ولا بتسخيفٍ مفهوميٍّ ثأريّ ،أو بنرجسيةِ ذاتٍ متضخمة أعرابيّة ،بل بموقف رجل دولة مسؤول ، يرفض لغة الحكّام التُّبَّع ،الذين يبررون عدوان عصابة صهيون ،ويشرعنون جرائمها ،تبريراً للاشرعيتهم المغتصِبة للشرعيّة القوميّة لأمّة العرب ، نعم هذا الـ (أردوغان) ليس شريكاً في النظام اللاشرعي الغاصب للشرعيّة في وطن أمّة العرب ، هذا النظام الإقليمي (اللاعربي) ـ السايكسبيكوي ـ البلفوري ـ الصهيوني ـ الكامب ديفيدي ـ الوادي عرباوي ـ الأوسلوي ، الذي يرفع العقيرة بالخطر الإيراني ،ويرى الأمن القومي العربي متحققاً بالأساطيل الأمريكيّة ، بالإحتلال الأمريكي ـ الصهيوني ، بل ويشرعن الإغتصاب والإحتلال، ويشرحه بوقاحة صفيق موظّف ، وعلى لسان حاكم مصر،الحارس لمعبر رفح ،بأوامر صهيو ـ أمريكية 0هذا الـ (أردوغان (الذي يقول: لا يمكن السكوت عمن صمتوا إزاء ما حدث في غزة.. و يجب ان تأخذ حماس مكانها على الساحة الديمقراطية الفلسطينية) ،هل يمكن أنْ يرتقي التّبّع ،رغم جلالاتهم ،وفخاماتهم ،إلى بعض قامته ؟ بل إلى بعض البعض منها ؟ حتى لا أُضطّر إلى مجانبة الأدب ،ولو أنَّ حذاء (منتظر الزيدي) سما بقدر الأحذية إلى المقام البوشي، الذي يدين له بالتبجيل (أنصاف الرجال) ممن يعرفهم الجميع .إنّ الأمن القومي العربيّ ،ليس شعاراً ،ولا صراخاً، ولا أمن عروش وكراسي ،مغتصِبة مقلقلة ،وليس دفتر شيكات تفوح منها رائحة النفط المسروق ،إنّه تحييد العدوّ إنْ لم يمكن إلغاؤه ،ومصادقة المحايد إنْ أمكن اكتسابه ،ومعايشة الحقائق بلا محاولة تزويرها. رؤية استراتيجية عقلانية اتبعتها السياسة السورية جعلت من التحالف الاستراتيجي التركي ـ الصهيوني وثيقة في ذمة التاريخ ، ومن الجار التركي عمقاً جيوستراتيجياً لشمال الوطن العربي يمتد إلى أوروبا الوسطى وجبال القوقاز ، إلى آسيا الوسطى وبحر قزوين.بتلك الروحية المستلهمة لأهداف أمة العرب وأمنها القومي استطاع الرئيس العربي ( بشار حافظ الأسد ) أن يستمر في رفع راية الموقف المقاوم والصمود الممانع وتأكيد حقيقة تاريخية : ( ماذهب بالقوة لا يسترد بغير القوة ) .فهل فهم التّبّع المنصاعون ؟!.أم ضُرب على قلوبهم بالأسداد ؟!. فما فهموا يوماً... ولن يفهموا أبداً ... تلك عادتهم الذميمة ، وديدنهم الذليل ... فهم في حمأة الخطيئة سادرون.
شام برس